سائر المجرات

أنى استطعنا ارتياد هذا الكون الفسيح، وكيفما طورنا آلات الرصد، نكتشف يوما بعد يوم أن الكون يعج بمجرات لا تقع تحت حصر ولا يحصيها عدد. يصل قطر الواحدة منها من بضعة آلاف من السنين الضوئية إلى ما يزيد عن 100000 سنة ضوئية، وتتألف كل واحدة منها من مليارات النجوم.

النماذج المختلفة للمجرات :

تأخذ المجرات أشكالا مختلفة ومظاهر عديدة متنوعة، منها الشكل الحلزوني الذي تتخذه مجرتنا. من تلك الأشكال المعروفة الشكل اللولبي المشطوب حيث تنطلق الأذرع اللولبية من قضيب يخترق المجرة. المجرات الإهليلية الشكل هي الأكثر عددا. تفتقر هذه المجرات إلى الأذرع، وكما يوحي اسمها فإن لعا شكل القطع الإهليليجي.

تتألف في الغالب من نجوم قديمة باردة وضخمة إضافية إلى شيء من المادة النجيمية. تبدو في الواقع أشبه ما تكون بكوكبة ثابتة من النجوم الكروية الشكل.

نماذج المجرات الثلاثة هذه تنقسم هي الأخرى بدورها إلى عدد من الأقسام الثانوية : الحلزونية أو اللولبية واللولبية المشطوبة قد تتميز بالتفاف أذرعها حول بصلة مكزية قد تكبر أو تصغر أو تكشف عن التفاف أكثر إحكاما حول مركز صغير الحجم. كما أن الإهليليجيات قد تتراوح ما بين ما يششبه الكرة التامة إلى حد المسطحة للغاية.

كما باستطاعتنا التمييز بين فئتين أخريين من المجرات : غير العادية وهي المجرات التي تتوزع نجومها بطريقة محددة، والعدسيات الشكل التي تبدو كمركز مسطح لمجرة لولبية فقدت أذرعها.

تطور المجرات :

يبدو أن المجرات بنوعيها اللولبي والإهليليجي هي ثمرة تطورات مختلفة. تشترك المجرات جميعا في كونها في الأصل ناتجة عن تكثيف كوكبة هائلة من مادة ثقيلة نسبيا بعد وقت قصير من حدوث البيغ ـ بانغ. تكونت المجرات الإهليليجية بسرعة كبيرة مستهلكة المادة برمتها التي تتحول إلى نجوم.

عملية تكون المجرات اللولبية مختلفة بعض الشيء. تكون وسطها بنفس طريقة المجرات الإهليليجية، تحولت المادة الكونية إلى نجوم.

ولكن بعد ذلك أحاطت اسطوانة من المواد الفضائية بالمركز. ولم يتوصل العالماء حتى اليوم إلى إيضاح عملية تكون الأذرعو بشكا كامل. ما نعرفه هو أن هذه الأذرعة لا يمكن أن تصنع نفسها بنفسها. إذ لو أن كان الأمر كذلك لوجب أن تتحطم وتتفتت لتدور شظاياها بعد ذلك حول مركز المجرة. الأمر مرهون إذن بموجات من الثقل النوعي ناتج عن تفاعلات الجاذبية للنجوم المكونة لأسطوانة المجرة.

تولد هذه الموجات تقلصات في الغاز والغبار داخل الأسطوانة مما يؤدي إلى تكثيفات معينة ينتج عنها في النهاية ظهور نجوم جديدة. تضيء هذه النجوم الوليدة الغاز والغبار المحيط بها الذي سرعان ما يأخذ شكل ذراع لولبي في المناطق التي تخترقها موجات الثقل النوعي كمية كبيرة من النجوم تستوطن أيضا المناطق الواقعة بين الأذرعة في هذا النوع من المجرات.

تبث المجرات باستمرار موجات لاسلكية مصدرها الأساسي الغازات الكونية. يتغير طول الموجة بحسب نوعية الذرات. يبث الهيدروجين مثلا بموجة طولها 21 سنم. عندما تضبط جهاز الإلتقاط على هذه الذبذبة نتوصل إلى معرفة موقع غيمة الهيدروجين وما إذا كانت داخل مجرتنا أو في مجرة أخرى. الإشارات اللاسلكسة التي مصدرها المجرات العادية تصلنا من مناطق تحت متناول قدرتنا على الرصد.

< الراديو مجرات > :

ما تبثه المجرات المعروفة باسم < الراديو مجرات > مختلف عما تقدم لأن غزارة هذا البث تزيد بكثير عن الطاقة التي تبثها المجرات العادية. جميع < الراديو مجرات > إهليليجية الشكل. يصدر بثها الاسلكي عن الكترونات سريعة الحركة مصدرها قطعتين كبيرتين تقعان متماثليتين خارج المجرة نفسها. تبدو هاتان القطعتان أنهما نتيجة انفجار قذف بهما خارج المجرة. الراديو ـ مجرة سانتورس خير مثال على هذا النوع من المجرات. تقع على مسافة 15 مليون سنة ضوئية من كوكبنا. إنهما الأقرب إلينا والتي درست أكثر من سواها. تمتد القطعتان إلى مسافة تقرب من 1،5 سنة ضوئية بعيدا عن مركز هذه الراديو ـ مجرة.

مجرات سيفير :

مجرات سيفير مجرات لولبية الشكل ذات أذرع صغيرة قليلة التطور ونواة صغيرة شديدة التوهج واللمعان. تبث موجات لا سلكية قوية بالمقارنة مع المجرات العادية. الإشعاعات الصادرة عنها غاية في الأهمية نذكر من بينها الأشعة ما فوق الحمراء، الأشعة ما فوق البنفسجية، كما قد تكون أحيانا مصدرا هاما لأشعة أكس.

المجرة اللولبية من برج الحوت نموذج ممتاز لمجرات سيفير. أثبت الرصد النتواصل لهذه المجرة وجود غيوم غازية في المناطق الواقعة وسطها تتحرك بسرعة بضعة مئات من الكيلومترات في الثانية. يفترض أن هذه الغيوم قد قذفت من منطقة المجرة النووية وأن كثافها تفوق كثافة الشمس بملايين المرات. أما السرعة الهائلة لحركة الغيوم فيردها العلماء إلى تأثير جاذبية جسم ضخم يقع في مركز المجرة. ثقب أسود على سبيل المثال قد يكون مصدر طاقة نواة المجرة.