ليست الشمس سوى نجمو واحدة من حوالي 100 مليار نجمي تندرج جميعا ضمن إطار لولبي ليشكل المجرة التي ننتمي إليها. تحتوي هذه الأخيرة بالإضافة إلى ما تقدم على كميات هائلة من الغبار والغاز المنتشرين في المساحات الفاصلة بين الكواكب والنجوم، حيث تستمر عملية تكون نجوم جديدة.
تحتوي مجرتنا على ثلاث مناطق كبيرة : المركز والأسطوانة والهالة. الأذرعة الحلزونية أو اللولبية التي تنطلق من المركز هي ذراع القاعدة، وذراع القوس، وذراع أوريون وذراع بيرسيه. تقع المجموعة الشمسية في الأسطوانة ما بين ذراعي أوريون وبيرسيه على بعد حوالي 30000 سنة ضوئية من نقطة المركز في المجرة.
بالطبع من الصعوبة بما كان التوصل إلى معرفة الحدود الخارجية للأسطوانة يدقة تامة ولكن يقدر العلماء قطرها بحوالي 100000 سنة ضوئية وبمتوسط سماكة يصل إلى حدود 3000 سنة ضوئية. تدور النجوم الواقعة داخل الأسطوانة حول المكز بحركة دائرية تقريبا. مدارات النجوم الأقرب إلى المركز أقصر من مدارات النجوم الأكثر بعدا. تحتاج الشمس إلى حوالي 225 ميليون سنة ( سنة كونية ) لإكمال دورتها المدارية.
هناك العديد من المجرات الأكير من مجرتنا ولا سيما مجرة اندروميد اللولبية الشكل التي تشكل هي الأخرى جزءا من < المجموعة المحلية >. بقي أن نشير إلى أن يعج بمليارات المجرات. بقي إننا هعندما نقول < المجرة > هكذا دون أي نعت فإننا نعني المجرة التي ننتمي إليها.
المجرة :
يخترق سماء الليل شريط طويل من النجوم المتلألئة المتراصة التي لا تعد ولا تحصى : المجرة احتل هذا الشريط حيزا مهما من أساطير العالم بأسره : من اليونان إلى العرب، من الصينيين إلى الهنود إضافة إلى أسطير الهنود الأمريكيين. على كل حال تنم لنا الأسماء التي أطلقت على هذا الشريط النجومي البديع عن المعتقدات التي كانت تدور حوله، فهو تارة نهر السماء، وطورا درب السماء وثالثا طريق الآخرة .... وحده غاليلي استطاع بواسطة منظاره الجزم بأن هذا الشريط ليس سوى مجموعة هائلة من النجوم، وهذا بالضبط ما حدس به فيثاغورس وديمقراطيس قبل حوالي 2000 من السنين.
ليست المجرة متجانسة كما تبدو لنا بالعين المجردة. أكثر مناطقها بريقا وتوهجا هي مناطق التم والعقاب في النصف الشمالي والعقرب والقوس في النصف الجنوبي. تقع المناطق الأكثر ضعفا في تجمع القارن حيث يتباين نورها من أنوار نجوم القوس المتوهجة. يختلف عرض المجرة اختلافا واضحا ما بين منطقة وأخرى. متوسط هذا العرث 15 درجو ولكنه قد يصل إلى 30 درجة في بعض المناطق. ينحني مستواها ما يزيد قليلا على 30 درجة بالنسبة لفلك البروج، وهو يخترق كاسيوبيه بالقرب من ألفا كريسيس، وهما النقطتان التي يقترب فيهما إلى حوالي 27 من قطبي السماء الشمالي والجنوبي.
هناك قسمان من المجرة غاية في الوضوح : القسم الأول هو القسم المحيط بالنجمة النتلألئة كانوبيس، والقسم الآخر والأكثر طولا هو القسم الممتد ما بين كوكبتي التم والعقاب. هذا القسم التم ـ العقاب يعرف أحيانا باسم الرفث الأكبر. انقطاع آخر في حقل المجرة الضوئي تسهل ملاحظته في < صليب الجنوب > : إنه < كيس > الفحم، غيمة داكنة من الغاز والبخار تظل النجوم الواقعة خلفها مما يولد انطباعا بوجود ثقب في السماء. سبب هذه الإنقطاعات البادية في المجرة هو ذلك السديم القاتم السابح في الفضاء الممتد بين النجوم وبيننا.
مركز المجرة :
خلافا لأسطوانة المجرة التي تتألف أذرعها من نجوم حديثة التكوين تعرف باسم < الفوج > رقم 1 يتألف مركز المجرة من نجوم أقدم بكثير من نجوم الأسطوانة تعرف باسم الفوج رقم 2. كما تحتوي المناطق المركزية للمجرة على شيء من الغاز والغبار الكوني. يبلغ قطر المركز حوالي 20000 سنة ضوئية بسماكة تقرب من 10000 سنة ضوئية.
يقع مركز المجرة باتجاه برج القوس. تصعي رؤيته بواسطة الموجات البصرية نتيجة لوجود الغاز والغبار. لكن رصد علم الفلك الإشعاعي واستخدام الأشعة ما فوق الحمراء أتاحت لنا دراسة البنية العامة لهذه المناطق ومكنتنا من معرفة أن مركز المجرة يتطابق مع الينبوع الاسلكي ( نقطة في السماء تصدر عنها الموجات التي تلتقط بالإشعاع الفلكي ) القوي لبرج القوس. نعني بذلك أول ينبوع لا سلكي سماوي تم اكتشافه : اكتشف في بداية الثلاثينات من هذا القرن على يد كارل جانسكي.
أما فيما يتعلق بالهالة فهي غيمة هائلة كروية الشكل تلف المجرة بشكل كامل. تتألف من نجوم قديمة تنتمي إلى < الفوج 2 > شأنها في ذلك شأن المركز. تتجمع غالبية نجوم الهالة ضمن كوكبات تدور حول المركز ضمن مدارات إهليليجية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق